الرايس درغوث و صفاقس

 لزاهر كمون

من هو الرايس درغوث؟

ولد الرايس درغوث في  أواخر القرن التاسع للهجرة سنة 1485 ميلادي وهو من أصل يوناني. لقب بأسد البحر كما لقبه عبد الرحمان شرف بك « نلسون العثمانيين » و الأديب التركي علي رضا سيفي ب « رجل البحر » و فكتور هيجو بالرجل العظيم

  ركب الرايس درغوث البحر منذ صباه و ارتقى من نوتي حدث إلى نوتي إلى مدفعي إلى ربان يقود سفينة واحدة ثم أصبح رايسا على أسطول

الرايس درغوث

الرايس درغوث

كان مجاهدا في عديد البحار منها البحر المتوسط و بحر الادرياتيك و ساهم بشكل كبير في نقل الأندلسيين المضطهدين إلى موانئ الجزائر و تونس و عمل قائدا لقطعة من الأسطول العثماني أيام سليمان القانوني. قلد في أخر حياته منصب باشا طرابلس الغرب

استطاع درغوث هزيمة المسيحيين في عديد المناسبات و استطاع احتلال عديد القرى و الجزر مثل جزيرة كابراك و خرب جزيرة قزو التابعة لمالطا كما افتك عديد السفن في عرض البحر

دفن الرايس درغوث في  طرابلس الغرب على شاطئ البحر المتوسط بعد سنوات من البطولات و خدمة المسلمين

الرايس درغوث و تونس

كان درغوث يعمل في الشرق ثم اتجه إلى غرب البحر المتوسط تلبية لدعوات النجدة التي كانت تأتي من شمال إفريقيا و الأندلس بعد الهجمات المتكررة للأسبان. نزل أسد البحر في جربة و استعملها لصنع السفن و بيع الغنائم و الأسرى. كانت جزيرة جربة مشتى و مأوى للمجاهدين و قد استغلها أيضا عروج و أخوه خضر

سنة 1549 ثار سكان المهدية على القائد التركي حسن شلبي و انتخبوا خمسة من الأعيان لتسيير شؤون البلاد فتدخل درغوث لحمايتها من هجوم محتمل من الأسبان أو فرسان مالطا فاستولى على حصن المهدية. قام أسطول من 4000 مقاتل بقيادة نائب الملك بصقلية و حاصر المهدية يوم 22 جوان 1550. قاوم سكان المهدية الهجوم بقيادة درغوث الذي عاد من خليج جنوة. إلا أن المهدية سقطت في الأخير بعد وصول التعزيزات من أوروبا و في غياب الرايس درغوث

السفن العثمانية في القرن السادس عشر

السفن العثمانية في القرن السادس عشر

بعد سقوط المهدية التجأ الرايس درغوث الى وادي قابس لقضاء شتائي سنة 1550 و 1551 و في هذه الأثناء حاول السيطرة على قفصة إلا انه لم يفلح

عندما علم اندريا دوريا بوجود درغوث في وادي قابس أرسل أسطوله إلى جربة لمهاجمته إلا أن درغوث بفضل حنكته استطاع الهرب منه نحو اليونان بعد أن قام بحفر مجرى في البحر القصير في مدة 8 أيام مع 2000 من المتطوعين من أهالي جربة لنقل سفنه بعد إفراغها من عتادها لتخف

بعد تحرير طرابلس الغرب من المسيحيين استقر درغوث بها و أراد التوسع فاحتل قفصة و جربة و صفاقس سنة 1556 و القيروان سنة 1557 و أجبر حاكمها محمد بن أبي طيب الشابي على الفرار واستخلف عليها حيدر باشا

نظمت بعد ذلك حملة مسيحية استطاع المسيحيون من خلالها السيطرة على جزيرة جربة فنهبها الجنود و فرضوا على سكان الجزيرة إبرام معاهدة تقر بسيادة اسبانيا على الجزيرة و دفع الجزية لها إلا أن تدخل الأسطول العثماني مكن من تحريرها و قد استعان العثمانيون بدرغوث الذي أتاهم من طرابلس مع 2000 مقاتل فحاصروا أخر معقل للأسبان في الجزيرة و هي الحامية المتكونة من 2000 جندي في البرج الكبير فقتل كل الجنود و بأمر من درغوث وقع بناء هرم من جماجم الأسبان قرب البرج الكبير و بقي قائما إلى أن أزاله أحمد باي سنة 1846

برج الجماجم

برج الجماجم

الرايس درغوث و صفاقس

أثبتت عديد الدراسات وجود الرايس درغوث بصفاقس فقد احتلها سنة 1556 كما كان يستولي على السفن على السواحل الصفاقسية فقد استولى بعد هربه من أسطول اندريا دوريا قرب جزر قرقنة على سفينة قائد أسطول صقلية و سفينة مصاحبة لها تحمل البشماط و البارود كانت في اتجاهها لدعم أسطول دوريا في جربة

يقول أبو بكر عبد الكافي في كتابه تاريخ صفاقس أن أهل القيروان استنجدوا بدرغوث ليحررهم من ظلم المتولي عليهم محمد بن الطيب الشابي الذي استولى على القيروان و انفصل عن الأمير الحفصي فلبى أسد البحار النداء و دخل البلاد في طريقه إلى القيروان فحل بصفاقس فخيمت جيوشه بالمكان المشهور بدار الغنم و هي الأرض التي بها الحديقة العمومية اليوم فاستقبله حاكم صفاقس آنذاك محمد المكني بحفاوة و بايعه على الطاعة. أمر درغوث المكني أن يختار البعض من أصحاب الصنائع ليرسلهم إلى طرابلس و بالفعل تم إرسال 40 شخصا من مهرة الصناع إلى طرابلس الغرب فسافروا على مضض مع عائلاتهم و اليوم نجد عديد السكان من أهل طرابلس و بن غازي يحملون الألقاب الصفاقسية

يقول الدكتور علي الزواري أن الرايس درغوث احتل صفاقس بين سنة 1556 و 1587 و ألحقها بطرابلس الغرب التي كان حاكما عليها ,كما فرض عليها حسب مقديش إرسال 40 حرفيا في صناعة الخشب إلى طرابلس

يقول مارمول في كتابه إفريقيا أن درغوث جمع 14 سفينة من جربة وصفاقس و هب يضرب بها السواحل المسيحية إلى أن دخل خليج نابولي ثم يقول و احتمى بمدينة صفاقس حيث درس إمكانية  احتلال المهدية ثم خرج منها و تمكن من احتلال المهدية. ثم يقول الكاتب لما رأى درغوث انه فشل في عمله الحربي جمع عساكره و نظم صفوفهم على منحدرات جبل الزيتون و لكن الطلقات النارية الآتية من الأبراج الاسبانية أفهمته أن لا سبيل إلى إنقاذ الموقع فكر راجعا إلى صفاقس

المصادر

نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار: محمود مقديش

سلسلة مشاهير: الرايس درغوث

تاريخ صفاقس: الجزء الثاني لابي بكر عبد الكافي

Sfax aux XVIII ème et XIX ème siècles, chronique d’une ville méditerranéenne : Ali Zouari

سنان باشا و الفتح العثماني: محمد الرزقي, مجلة مواقع و معالم العدد الثاني عشر

صفاقس في القرن 16 للدكتور علي الزواري, مجلة القلم

L’exhumation d’une ville (thyna), revue tunisienne 1908

افريقيا: مارمول

1 Comment

  1. Pingback : Zaher Kammoun » » صفاقس و القرصنة

Leave a reply

Your email address will not be published.