الدور الدفاعي لمدينة صفاقس

لزاهر كمون

بنيت مدينة صفاقس في العهد الأغلبي في القرن التاسع ميلادي و منذ تأسيسها كانت هذه المدينة الصغيرة (مساحتها 24 هكتارا) سدا منيعا ضد الغزاة فطوال أكثر من 1100 سنة تمكن الصفاقسيون من صد هجوم  بني هلال و فرسان مالطا و النورمان و البندقية و الفرنسيين سنة 1881. فكيف لعبت المدينة هذا الدور الدفاعي؟

سور منيع

تتميز المدينة العتيقة بسور متكامل من الجهات الأربع لم يتغير شكله منذ تأسيس المدينة و يبلغ طوله أكثر من 2000 متر و ارتفاعه حوالي 12 مترا و بني بطريقة اللفة (سمك السور يتضاءل بارتفاعه) و هي طريقة تمنع الغزاة من تسلقه. يبلغ سمك السور في الأسفل حوالي 3 أمتار و في الأعلى حوالي 60 صم

La médina de Sfax مدينة صفاقس

كان الصفاقسيون حريصين على ترميم السور و جعلوا له وقفا بإشراف ناظر أو وكيل أو مقدم السور. و تقول الأسطورة انه عندما لم يجد الصفاقسيون الماء لخلط مواد ترميم السور في فترة مقاومة الاحتلال الفرنسي سنة 1881 استعلوا زيت الزيتون

أبراج على طول السور

يمكن للمتجول حول السور أن يلاحظ وجود عديد الأبراج التي استعملت كمراكز مراقبة و نلاحظ تركزا لهذه الأبراج خاصة من الجهة الجنوبية (من جهة البحر) باعتباره أكثر خطر يهدد المدينة و من بين هذه الأبراج برج الرصاص و برج البقر و برج سيدي سعيد خنفير كما يوجد أربع أبراج في أركان المدينة العتيقة و هم برج القصبة و برج النار و برج للا مسعودة و برج القصر و يبلغ ارتفاع الأركان حوالي 17 مترا. تتخذ هذه الأبراج العديد من الأشكال فمنها المربعة  و منها المسدسة و منها المثمنة

قام الدكتور علي الزواري بإحصاء الأبراج و الحصون و القلاع فوجد: 51 حصنا مربعا و 7 حصونا مسدسة أو مثمنة و 6 حصون نصف دائرية و المجموع هو 64 حصنا

القصبة

كان للقصبة التي تقع في الركن الجنوبي للمدينة دور دفاعي هام حيث كان البحر يضرب على واجهتها القبلية فكانت سدا منيعا ضد كل غاز من البحر

كانت القصبة مقر عامل صفاقس الذي كان يمثل الحكومة المركزية و أخر من سكنها أبو عبد الله محمد المكني الذي استقل عن الدولة الحفصية ثم أصبحت مقر أغا الترك و جيشه. في العهد الحسيني تحولت القصبة إلى ثكنة و سجن و عند قدوم الجيش الفرنسي أصبحت مقرا للجندرمة ثم مقرا للحرس الوطني بعد الاستقلال

Kasba Sfax قصبة صفاقس

القصبة

وجود الفتحات للتصويب

يوجد في السور العديد من الفتحات الضيقة التي تعرف بالبناجر  الشرفات المسننة  التي تستعمل للتصويب و الفتحات الواسعة التي تستعمل للمدافع

بابان فقط

كانت المدينة العتيقة تتكون من بابين فقط و هما باب البحر (من جهة البحر أو الجهة الجنوبية) و باب الجبلي (من جهة الغابة أو الجهة الشمالية) و كان المحور الذي يربط بين هاذين البابين يمر بالجامع الكبير قلب المدينة. كانت أبواب المدينة تغلق مع الغروب و لا تفتح إلا في الصباح و ذلك لحماية المدينة من الغزاة. أما اليوم فقد أصبح للمدينة 15 باب لا تغلق في الليل

أبواب غدر

أشار أبو بكر عبد الكافي في كتابه تاريخ صفاقس إلى وجود 3 أبواب سرية تعرف بأبواب غدر و تستعمل لطلب المدد من أسلحة و أكل و لطلب النجدة عند الحرب و يوجد اليوم باب واحد في القصبة في مسجد الرباط إما البابان الآخران لم يقع إلى اليوم تحديد مكانهما

Kasba Sfax قصبة صفاقس

باب غدر في قصبة صفاقس

لا يمكن الدخول مباشرة من باب البحر

على عكس باب الجبلي الذي يتميز بمدخل مباشر إلى المدينة, فان باب البحر يتميز بوجود مسلك متعرج و سقيفة (مدخل معقوف)

أنهج ضيقة

تتميز المدينة العتيقة بوجود أنهج و زقاقات ضيقة تزيد في صعوبة تحرك الجنود و الغزاة كما أن المدينة العتيقة المبينة بمثال شطرنجي تعتبر مثل المتاهة للزوار الذين لا يعرفون جيدا التجول بها

La médina de Sfax مدينة صفاقس

نهج ضيق

ممشى العسس أو المر

يوجد حول سور مدينة صفاقس من الداخل طريق كانت تستعمله العساكر للدفاع عن المدينة و سمي بممشى العسس

منازل تحمي العائلات

يوجد بالمدينة عديد الأحياء و المنازل التي تتميز بواجهات صماء و مدخل متعرج متكون من سقيفة يمكن أن تضاف اليها دريبة مثل دار الجلولي و تحمي هذه التركيبة خصوصية العائلة

Dar Jellouli دار الجلولي

دار الجلولي

المصادر

قصبة صفاقس للدكتور علي الزواري. مجلة معالم و مواقع العدد الثاني

تاريخ صفاقس: أبو بكر عبد الكافي

صفاقس المدينة البيضاء: رضا القلال

سور مدينة صفاقس بين الماضي و الحاضر: علي الزواري

Leave a reply

Your email address will not be published.