الفخار و الخزف بتونس عبر التاريخ
لمحمد زاهر كمون
منذ العصور القديمة, عرفت تونس صناعة الفخار حيث اشتهر البربر بالفخار اليدوي المصنوع بطريقة الملاسة الموروثة عن حضارات ما قبل التاريخ مثل الحضارة القبصية فقد صنع البربر كل ما هو ضروري للحياة اليومية كأواني الطبخ و الطهي و التخزين. يكون الفخار البربري ذو زخارف بسيطة و ما زال يصنع إلى اليوم و الدليل على ذلك فخار سجنان
كسكاس من فخار سجنان
ثم أتى الفينيقيون لتونس و أسسوا المراكز التجارية مثل أوتيك قبل تأسيس قرطاج سنة 814 ق.م فحققوا طفرة نوعية من خلال اختراع الدولاب الذي سهل صناعة الفخار فازدهرت الصنعة و ظهرت أنواع جديدة مثل القناديل و الجرارالكبيرة المستعملة للتخزين و التصدير
فخار بوني
بعد تدمير قرطاج سنة 146 ق.م حكم الرومان تونس وواصلوا صناعة الفخار العادي كما ابتكروا الفخار السيجلي الأحمر و الأشكال الزخرفية البارزة و اشتهر الفخار الإفريقي الذي أصبح يصدر خارج إفريقيا الرومانية إلى ايطاليا و دول أخرى
فخار روماني
عند قدوم الوندال واصلت تونس إنتاج الفخار و قد عرفت هذه الفترة خاصة بصناعة القناديل المستديرة الشكل ذات العروتين على مستوى الحلق
مع الحكم البيزنطي لتونس ظهر الفخار بأسلوب جديد طغى عليه الطابع المسيحي فنجد الصليب على القناديل و المشاهد المستوحاة من الإنجيل في المربعات الخزفية التي اشتهر بها البيزنطيون و تستعمل لزخرفة الحيطان
قالب خبز بيزنطي
مربعات بيزنطية
قام العرب بعد ذلك بحملة لنشر الإسلام بداية من القرن السابع و قد ادخلوا العديد من التقنيات الجديدة على الفخار
فقد قام الأغالبة بإدخال الخزف ذي البريق المعدني المتحصل عليه بتحويل أكاسيد المعادن كالنحاس و الذهب إلى معدن صاف, كما أصبح الأغالبة يعتمدون في الزخرفة على الأشكال الحيوانية و النباتية و الهندسية و استعمال الألوان البني(أكسيد المنغنيز) و الأخضر (أكسيد الحديد) و الأصفر (أكسيد النحاس)
انية اغلبية
حكم تونس بعد الأغالبة الشيعة من خلال الدولة الفاطمية و قد عرفت هذه الفترة استعمال المشاهد الآدمية لان المذهب الشيعي لا يحرم ذلك كما تم استعمال الزخارف الحيوانية و النباتية و من الألوان تم الاعتماد على اللون البني و الأخضر و الأصفر على خلفية بيضاء
انية فاطمية
لم يتغير الفخار كثيرا في العهد الصنهاجي إلا أن هذه الصناعة عرفت تراجعا مع الغزو الهلالي و عند استيلاء الحفصيين على الحكم شهد الفخار تطورا من خلال استعمال اللون الأزرق لأول مرة و الناتج عن أوكسيد الكوبالت كما تم الاعتماد في الزينة على الزخارف الحيوانية و النباتية و الهندسية
كما شهدت تونس تطورا هاما في صناعة الفخار و ذلك اثر هجرة الأندلسيين لتونس فمن لا يعرف سيدي قاسم الجليزي صاحب صناعة الجليز؟ و أنتج الأندلسيون ألاف اللوحات الخزفية و اشتهروا بصناعة خزف الكواردا سيكا الذي غزا المنازل و المساجد و الأماكن العامة
خزف اندلسي
مع انتصاب العثمانيين بتونس منذ 1574 تم توريد كميات هامة من الفخار من تركيا (ايزنيك, اسطنبول) و المعروف باللون الأزرق, كما ازدهت صناعة الفخار في الورشات المحلية و التي عرفت باسم القلالين, و تم استعمال زخارف أدمية و حيوانية و نباتية و هندسية
خزف ايزنيك التركي
عرفت صناعة الفخار و الخزف بتونس منذ القدم و تطورت بمرور الأزمنة و مازالت في تطور دائم
للتعرف على أنواع الفخار بتونس يمكن زيارة عديد المتاحف خاصة متحف باردو لمشاهدة تطور الفخار عبر الزمن و متحف رقادة بالقيروان للتمتع بالفخار الإسلامي و زاوية سيدي قاسم الجليزي للتعرف على الفخار و الخزف الاندلسي
خزف القلالين
2 Comments