العمارة العثمانية بتونس

لزاهركمون

يقول محمد بن الخوجة في كتابه تاريخ معالم التوحيد في القديم و الجديد: « وقد بنى محمد باي المرادي جامعه المتحدث عنه على قواعد شبيهة بجامع السلطان أحمد باسلامبول »

Mosquée Mohamed Bey

جامع محمد باي

تأسست الدولة العثمانية سنة 1299 و امتدت لأكثر من 6 قرون إلى سنة 1924 بإعلان الجمهورية التركية عرفت فيها فترات ضعف و فترات قوة و تمكنت من السيطرة على مناطق شاسعة من ثلاث قارات وهي أسيا و أفريقا و أوروبا. يعتبرعصر سليمان القانوني من أهم فترات حكم الدولة العثمانية فقد تمكن هذا السلطان من التوسع و فرض هيبة هذه الدولة.

hqdefault

سليمان القانوني

تمّ في عصر سليمان القانوني السيطرة على تونس و ذلك سنة 1574 و ضمها كسنجق تابع للدولة العثمانية وذلك على يد سنان باشا. حكم الباشوات الذين كانوا يرسلون من الباب العالي في أول الأمر ثم قام قياد الجيش الانكشاري أو الدايات  بالسيطرة على الحكم و من أشهرهم يوسف داي و عثمان داي ثم حكم البايات المراديون ايالة تونس وعرفت الدولة ازدهارا خاصة في عهد حمودة باشا المرادي

بداية من سنة 1705 تمكن باي المحلة حسين بن علي التركي من افتكاك الحكم معلنا بذلك بداية حكم العائلة الحسينية التي امتدت إلى سنة 1957 و انتهت بإعلان الجمهورية التونسية. شهدت فترة حكم الحسينيين فترات قوة خاصة مع البايات حسين بن علي و المشير أحمد باي و حمودة باشا كما شهدت الدولة بعض الاضطرابات خاصة مع الأزمة الباشية الحسينية  و ثورة علي بن غذاهم و الاحتلال الفرنسي سنة 1881 الذي أعلن عن نهاية تبعية تونس للدولة العثمانية

1114_Sans titre

 شعار الدولة الحسينية

ترك العثمانيون في تونس بصمتهم التي بقيت إلى اليوم من خلال الأكلات و اللباس و الألفاظ التركية التي نستعملها ولكن يبقى أهم اثر للأتراك العثمانيين في تونس هو فن العمارة و التشييد. فقد قام الحكام ببناء عديد المعالم على شاكلة المباني العثمانية في تركيا خاصة مدينة اسطنبول

مظاهر العمارة العثمانية في تونس

إدخال مفهوم المركب

كانت مساجد اسطنبول تتميز بالعظمة و قد بناها السلاطين العثمانيين ضمن مركب يتكون من بناءات أخرى مثل المدرسة و المستشفى و التربة و الأسواق ومثال ذلك

مركب مسجد سليمان في اسطنبول. تعرف هذه الطريقة في البناء في تركيا بالكليي

من بين المركبات المبنية في تونس مركب يوسف داي و الذي يتكون من جامع و تربة و ميضاة و مدرسة و سبيل و مقهى و مجموعة من الأسواق مثل سوق البركة و سوق الجرابة و سوق البشماقية

Mosquée Youssef Dey

جامع يوسف داي

المساجد

كان العثمانيون يتبعون المذهب الحنفي على عكس مذهب عامة الناس بتونس وهو المذهب الملكي لذلك بنى الحكام مساجدهم الخاصة أو غيروا مذهب بعد الجوامع و قد تم إحصاء 7 جوامع حنفية بمدينة تونس وهي جامع القصبة و جامع القصر و جامع يوسف داي و جامع حمودة باشا و جامع محمد باي (جامع سيدي محرز) و جامع يوسف صاحب الطابع و الجامع الجديد الذي بناه مؤسس الدولة الحسينية الحسين بن علي كما نجد المساجد الحنفية في مدن أخرى مثل صفاقس و بنزرت و زغوان

كانت جوامع  تونس قبل أن تصبح عثمانية تعرف بمآذنها المربعة و جوامع تركيا تعرف بمآذنها الاسطوانية و لكن الجوامع الحنفية في تونس كانت تعرف بمآذنها الثمانيّة و حسب المختصين فان الشكل الثماني ظهر  نتيجة  دمج النوعين الأصليين المربع و الاسطواني. يمكن مشاهدة المآذن الثمانيّة في جامع حمودة باشا و جامع يوسف داي

Mosquée Hammouda becha

جامع حمودة باشا

تميزت جوامع اسطنبول بكثرة القباب خاصة القباب التي تتوسط الجامع و نجد ذلك خاصة في مسجد محمد باي في تونس

Mosquée Mohamed Bey

جامع محمد باي

يحيط بالجوامع الحنفية بتونس ساحة كبيرة من ثلاث جهات مثل عديد المساجد التركية في اسطنبول

قام العثمانيون في تونس بتغيير المنبر الخشبي المالكي و استبداله بالمنبر المبني و الذي يزين بالرخام أو الخزف

Mosquée Mohamed Bey

منبر جامع محمد باي

من بين الأشياء التي لا نجدها في الجوامع المالكية في تونس المحفل و الختمة و المحفل هو بناء خشبي يقع في وسط بيت الصلاة و يمكن الولوج إليه من خلال سلم أو درج و يجتمع فيه الخوجات الأتراك لقراءة القران و الذكر و الختمة هي نوع من الأثاث الخشبي يتكون من مكان لوضع كتاب القرآن و كرسي و يستعمله قارئ القرآن

Mosquée Mohamed Bey

المحفل بجامع محمد باي

Mosquée Saheb Tabaa

الختمة بجامع صاحب الطابع

التربات

تميّز العثمانيون ببناء التربات و هي أضرحة لدفن حكامهم و أفراد عائلاتهم و المقربين لهم و عرفت تونس النوع هذا من المعالم فنجد التربة المبنية في الجامع مثل تربة يوسف داي و تربة حمودة باشا و نجد التربات المستقلة بذاتها مثل تربة لاز وتربة أحمد خوجة  و خاصة التربة التي دفن فيها بايات الكرسي(البايات الذين حكموا تونس)و التي بنيت على يد أحمد باي

Tourbet Bey

تربة الباي

Tourbet Youssef Dey

تربة يوسف داي

Tourbet Hammouda Becha

تربة حمودة باشا

المدارس

ظهرت فكرة المدرسة بداية من العهد الحفصي وقد كانت تلعب دورا هاما في تكوين الطلبة و تلقينهم العلوم الشرعية و توفير المسكن للتلاميذ القادمين من مدن أخرى. كانت المدارس تتكون من ساحة يوجد حولها غرف الطلبة و مسجد للصلاة و التعليم و ميضاة. من بين المدارس التي بنيت في العهد العثماني نذكر المدرسة الباشية و المدرسة السليمانية و المدرسة الحسينية التي بناها الحسين بن علي و تتميز بتيجان أعمدة على الطراز التركي

Madersa Slimania

المدرسة السليمانية

Maderssa Husseinia

تاج تركي بالمدرسة الحسينية

المنازل و القصور

بنى العثمانيون في تونس عديد المنازل و القصور التي أظهرت هيبة  الدولة ومكانة الحكام و تميزت هذه المباني بعديد الطرازات المعمارية منها التركية و المغاربية و الأندلسية و الأوروبية خاصة الايطالية. تتميز القصور بالفخامة و استعمال المواد و التقنيات المكلفة مثل النقش حديدة و الكذال و الخزف و الرخام المحلي أو المستورد من الخارج

من بين القصور نذكر دار حسين و دار عثمان بالمدينة العتيقة و قصر باردو الذين يعود للعهد الحفصي و قصر الوردة الذي بناه حمودة باشا و الذي أصبح اليوم المتحف العسكري الوطني

Musée militaire

قصر الوردة

Musée Bardo

قاعة الموسقى بقصر باردو

الزخارف و الزينة

كان العثمانيون في تونس يستعملون الخزف و الرخام و النقش على الجبس (نقش حديدة) و النقش على حجارة الكذال لتزيين معالمهم و كانوا يستعملون الزخارف  الهندسية و النباتات و الخطوط. تتم الزخرفة حسب الطراز الأندلسي و الأوروبي و المغاربي و لا يمكن تجاهل الطراز التركي و مثال ذلك: التيجان التركية بمدرسة النخلة و استعمال خط الثلث و الخط الديواني في كتابة الكلمات العربية كما نجد الكتابة العثمانية في عدة أماكن من تونس مثل الأبراج العثمانية بغار الملح ببنزرت و استعمال الخزف التركي خاصة خزف ايزنيك المستورد خصيصا من الدولة العلية و نجده خاصة في جامع محمد باي (جامع سيدي محرز) و الجامع الجديد

Borj Ghar Melh

كتابة عثمانية ببرج غار الملح

Céramique d'Iznik

خزف ايزنيك التركي

تونس في فترة التنظيمات

عرفت الدولة العثمانية من سنة 1839 إلى سنة 1876 تغييرات جذرية في سياستها لتطويرها و تميزت بانتخاب أول مجلس نواب عثماني و إصدار قوانين جديدة. كانت السناجق التابعة للدولة العثمانية ملتزمة بتطبيق  التنظيمات و من أكثر المتحمسين لذلك الوزير خير الدين باشا. فقد شهدت تونس في تلك الفترة بعض التحولات و شملت تغييرات على المستوى المعالم و ظهور الطراز المعماري الارابيزانس  و يظهر هذا الطراز خاصة في المدرسة الصادقية التي بنيت سنة 1875 و مقر وزارة المالية في القصبة

Ecole Sadiki

المدرسة الصادقية

الخاتمة

حكم العثمانيون تونس حوالي الثلاث قرون و رغم محاولة الحكام الاستقلال و لو قليلا عن الباب العالي إلا أن التأثير العثماني كان واضحا من خلال المعمار ووسائل و تقنيات البناء

كما تم الحفاظ على الطرازات المعمارية المحلية و الانفتاح على أوروبا من خلال استعمال الطراز الايطالي  في تربة الباي و جامع يوسف صاحب الطابع

Mosquée Saheb Tabaa

الطراز الايطالي بجامع صاحب الطابع

و لا يمكن التقليل من إسهام الوافدين الأندلسيين إلى البلاد التونسية في مجال المعمار: نقش حديدة و الخزف…

المصادر

المغرب العربي الحديث من خلال المصادر لدلندة الأرقش و عبد الحميد الأرقش و جمال بن طاهر

ترب مدينة تونس لمحمد الباجي بن مامي

المتحف العسكري الوطني قصر الوردة لوزارة الدفاع الوطني

خلاصة تاريخ تونس لحسن حسني عبد الوهاب

تونس العثمانية لعبد الحميد هنية

تاريخ معالم التوحيد في القديم و الجديد لمحمد بن الخوجة

  • Tunis ville ottomane, trois siècles d’urbanisme et d’architecture d’Ahmed Saadaoui
  • Tunis, architecture et art funéraires d’Ahmed Saadaoui
  • La cour du Bey de Tunis de Mohamed El Aziz Ben Achour
  • Histoire de l’architecture en Tunisie de Leila Ammar
  • L’hégémonie ottomane au Maghreb entre l’application du modèle de Sinan de Turquie et les innovations locales de Barkani Abdelaziz
  • Tunis sous les Ottomans : art et architecture

Leave a reply

Your email address will not be published.