البرج الصفاقسي
لزاهر كمون
تتميز جهة صفاقس بتنوع المساكن معماريا فالزائر لها يلاحظ اختلافا كبيرا بين مسكن المدينة العتيقة و مسكن أرخبيل قرقنة و مسكن الجنان و مسكن الريف
سنتحدث اليوم عن الصفاقسي الحضري صاحب المسكنين فقد لاحظ أغلب الرحالة ظاهرة ازدواجية المساكن في صفاقس. فللصفاقسي منزل في المدينة العتيقة و أخر خارجها. فما هو سبب هذه الازدواجية؟ و ماهي خاصيات المسكن أو ما يعرف بالبرج (بكسر الباء) خارج المدينة العتيقة؟
للصفاقسي دار في المدينة العتيقة و هي مسكنه الحضري الذي يعيش فيه في الخريف و الشتاء نظرا لارتباطه بالمدينة خلال هذه الفترة من خلال العمل بها و دراسة الأطفال و برج متسع و هو مسكن حدائقي يتنقل إليه بداية من فصل الربيع و كامل فصل الصيف. و حسب جون ديبوا فان هذه الظاهرة تشمل قرابة ثلاثة أرباع سكان صفاقس
الجنان
تنقسم صفاقس إلى عديد الأحزمة و تبدأ بالحزام الأول و هو المدينة العتيقة ثم نجد حزام الجنان ثم حزام البورة ثم نجد الحوازة
يمتد حزام الجنان على حوالي 12 كم و هي أراضي مغروسة بمختلف الأشجار مثل التوت و المشمش و الخوخ و التفاح و التين واللوز و غيرها و عديد الخضروات مثل الدلاع و البطيخ و الفقوس, مختلفة المساحة (بين 5000 و 20000م2). يتم التنقل من المدينة إلى الجنان من خلال الثنايا مثل ثنية قرمدة و ثنية الافران و غيرها… يربط بين الجنة الزناقي (جمع زنقة) و يحيط بكل جنان طابية من التين الشوكي تحميه من السارقين و تحمي خصوصية العائلة. يقع الدخول إلى الجنان من خلال باب كبير به باب صغير يسمى باب خوخة أو فلّة. في وسط الجنان نجد البرج العربي
تقاس مساحة الجنان بالمرجع و المرجع الصفاقسي يساوي تقريبا 900 متر مربع
البرج الصفاقسي
البرج الصفاقسي هو مسكن حدائقي يقع في منطقة الجنان على حزام يصل مداه إلى 12 كم من المدينة العتيقة. يعتبر المصمودي أن أقدم أبراج صفاقس تعود إلى القرن الثامن عشرو لكن يوجد بعض المختصين الذين ينسبونها إلى فترات أقدم
كان البرج الصفاقسي في بداياته مسكنا فصليا مرتبطا بالفلاحة ثم أصبح مسكنا قارا للصفاقسيين يستعمل بسبب اتساعه لتنظيم المناسبات الكبرى مثل الختان و الزواج و إعداد العولة. وقد مرّ البرج في تطوره بأربع مراحل مهمة
المرحلة الأولى
هو برج صيفي مربع مبني بطريقة هرمية ذو طابع دفاعي يحمي ساكنه من سوء المناخ و اللصوص. يتميز الطابع الحمائي من خلال طريقة البناء (اللفة) ووجود مدخل واحد كما توجد به فتحات صغيرة تسمى البناجر و فتحة بارزة في شكل مثلث تقع في السطح و تسمى الخشم, تستعمل هذه الفتحة لإطلاق النار أو طلب النجدة أو إلقاء الحجارة. و تقع طلب النجدة من خلال كلمة « يا نغارة »
برج القنوني
يقع برج القنوني في الربض في منطقة قرمدة و يبعد حوالي كيلومتر و نصف عن المدينة العتيقة. يعتبر هذا البرج من أقدم أبراج مدينة صفاقس التي لم تهدم و هو معلم مسجل حسب المعهد الوطني للتراث. يتكون هذا البرج من طابق أرضي و طابق اول
برج المنيف
يقع برج المنيف في طريق منزل شاكر و بالتحديد في المدرسة الإعدادية 1 ماي و يتكون من طابق ارضي و طابق أول. يعتبر هذا البرج من أقدم أبراج صفاقس و مبني بشكل هرمي ذو باب واحد و عديد النوافذ الصغيرة
المرحلة الثانية
هو البرج المصمم للسكن الدائم و قد اتسع في بنائه كما اتسعت ساحته. أضيفت إليه عديد المكونات من بينها البرطال و بيت السهرة و أصبح مزخرفا
المرحلة الثالثة
و هو البرج الحوش الذي توسع أفقيا و أضيفت إليه عديد المكونات من بينها الروا لإيواء الحيوانات و الأماكن لخزن المنتوجات الفلاحية
المرحلة الرابعة
البرج السرايا: أصبح هذا البرج ممتدا أفقيا و عموديا و متطورا
البرج في تصميمه النهائي
يتكون البرج عادة من السقيفة التي تؤدي إلى الحوش أو وسط الحوش. من هذا المكان يمكن التحول نحو الدويرية عبر التعدية و تتكون الدورية من المطبخ و اللابندة (المرحاض) و المطهرة (بيت الحمام) و بيت المونة أو بيت الخزين و البئر الذي يجمع المياه الجوفية التي تكون عادة مالحة فتستعمل في غسل الملابس و الاستحمام كما يوجد بالدورية الماجل و الذي تتجمع فيه مياه الإمطار التي تنتقل من سطح البرج إلى الماجل عن طريق الميزاب, يكون ماء الماجل عذبا فيستعمل للشرب أو للطبخ.
حول وسط البرج نجد الغرف و غرفة السهر التي تسمى الجلسة و التي تجمع كافة أفراد العائلة و تكون بها مسطبة عالية وتستعمل خاصة من قبل النساء.
تتكون الغرف من مكان لنوم الأب و الأم يسمى الدكّانة و هو سرير عال أما الأطفال فينامون على الأرض أو في المقاصر و هي غرف صغيرة في الغرفة الكبيرة
نجد بالبرج بيت السهرة و هي غرفة كبيرة لاستقبال الضيوف خاصة في شهر رمضان. يمكن الدخول إليها من الخارج دون المرور بالحوش الداخلي و وسط البرج و ذلك احتراما لخصوصية العائلة
ظاهرة الفيلا (امتداد للبرج العربي)
بداية من الثلاثينات من القرن العشرين و بعد الاحتلال الفرنسي, ظهرت في منطقة البرج البناءات العصرية ذات الطابع الغربي و التي تسمى الفيلا (كلمة فرنسية) و قد ساهمت هذه البناءات في انشطار العائلة الصفاقسية
المصادر
الأصل و الفصل في تاريخ عائلات صفاقس لعبد الواحد المكني
صفاقس المدينة البيضاء لرضا القلال
Maison du borj de la banlieue de Sfax, architecture traditionnelle méditerranéenne
Il était une fois de Sfaxiens 1945-1955 de Rachid Baklouti