التجارة في صفاقس في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر
لزاهر كمون
مع دخول الأتراك إلى تونس عرفت هذه الأخيرة تطورا على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي رغم فترات الاضطراب و قد شهدت أقصى الازدهار خاصة مع تقلد الحسين بن علي مناصب الحكم منذ سنة 1705
كانت صفاقس في هذه الفترة تعيش ازدهارا كبيرا تمثل في تطور الفلاحة و الصيد البحري و خاصة التجارة الداخلية و التجارة الخارجية
« تميز الصفاقسيون في تعاطي هذه الحركة بنشاط و حذق, داخل أسواق المدينة و خارجها, في أرباضها و بعيدا عنها وراء الرمال و البحار » علي الزواري
أسباب تطور التجارة
الموقع الاستراتيجي لصفاقس على البحر و في الوسط التونسي و على الممر الرئيسي نحو ليبيا و منها إلى الصحراء و البلدان الإفريقية
المناخ المتقلب جعل الفلاحة بصفاقس متقلبة فاعتمد الصفاقسيون على التجارة أساسا
إتباع الصفاقسيين لعادات المدن العربية و الاسلامية و التي اشتهرت بالتجارة
كانت توجد في مصر خاصة في الإسكندرية جالية تونسية كبيرة ساهمت في تطوير العلاقات التجارية كما كانت توجد جاليات في تركيا و الشام
رحلات الحج التي قام فيها الحجيج بنقل بعض السلع لبيعها و ربط العلاقات
أماكن التعامل التجاري الصفاقسي
كان لصفاقس علاقات تجارية هامة مع المدن التونسية خاصة تونس و الجريد و جربة و سوسة و المنستير و القيروان و قابس و قليبية
وكان لها علاقات مع بلدان المغرب مثل طرابلس و بني غازي في ليبيا و عنابه و قسنطينة في الجزائر و غدامس و الغاط و مرزق في الصحراء و كناوة جنوب الصحراء و تمبكتو
كما كان لها علاقات مع دول الشرق مثل المدن المصرية كالقاهرة و الإسكندرية و رشيد و دمياط و دمنهور و طنطا و الحجاز (مكة و المدينة) و بلاد الشام كحلب و دمشق و المدن التركية مثل أزمير و اسطنبول و بلاد اليونان (كفنولية) و قبرص و الكريت (خانية) و المرة
و لها علاقات مع الدول الأوروبية مثل تريست في النمسا و القرنة بايطاليا و مالطا و مرسيليا و صقلية و جنوة و بيزة و البندقية
وسائل النقل المستعملة
كان الصفاقسيون يعتمدون على الجمال و البغال و الأحمرة في القوافل في تجارتهم البرية و على السفن في تجارتهم البحرية وتكون هذه السفن إما تونسية أو أجنبية مسيحية مكتراة خاصة من فرنسا و البندقية و الدوبرة و النمسا و روسيا و يمكن أن تكون السفن أيضا من السويد و اسبانيا و حتى من استراليا سنة 1780 و 1800 و 1807
من بين السفن المستعملة: اللود و البريك و الشباك و الفلوكة و الغلايط و الصندل و المرتقاوة و الطرطان
من أشهر الملاحين و رياس السفن في صفاقس: عائلة الحكيم و باكير و البرادعي من صفاقس و المليتي و بن كريديس من قرقنة
من أشهر الجمّالة: غربال
التقنيات التجارية المستعملة
كان الصفاقسيون يعتمدون في تجارتهم على عديد التقنيات منها التنقل من مركز إلى أخر و الشركة و المبادرة و القراض و المضاربة و المساومة عند البيع و الشراء و كانت تشمل تجارة الجملة و تجارة التفصيل و التوزيع
العائلات
من بين أشهر العائلات في التجارة عائلات كمون و النوري و السلامي و الغراب و الشرفي و مقني (محمد مقني) و المزغني و السقا و عبد المولى و اللوز و الهنتاتي و الملولي و الفندري و الجلولي و الشعبوني
البضائع
كان الصفاقسيون يتاجرون في المواد و المصنوعات المحلية كما كانوا يتاجرون أيضا في المواد المستوردة التي يعيدون تصديرها مثل القهوة و كانوا يعتمدون على التجارة المضاربية و التي تتمثل في شراء كمية من البضائع يقع خزنها ثم تباع في السوق ذاته أو تنقل إلى مركز تجاري ٱخر إن ظهرت الفائدة
يصدر الصفاقسيون منتوجاتهم المحلية كما يصدرون منتوجات المدن التونسية الأخرى مثل شاشية تونس و أصواف الجريد و جربة و زيوت و اسمان الساحل و جداري قابس و صوان قفصة
بعض البضائع التي يقع تصديرها: الغاسول و الشعير و الأغطية الصوفية كالفراشية و البطانية و البرانس و الفوطة و بعض الأقمشة و الأحذية و الزيوت و العطورات مثل الياسمين و الزهر و الورد و العنبر و الصوف و الجلود و اللوز و الفستق و زيت الخروع و القمح و الشاشية و الزيت و الصوان و الجداري و السمن و البلغة و الصابون و الأسماك الجافة و العبيد و الإسفنج و الإخطبوط الجاف و الكشنيلية و الشعير و البرانس و الفحم و الحطب و الفخار و الزليج و الدلاع
بعض البضائع التي يقع توريدها: القهوة و الطرطر و الشب و سكر نبات و الجاوي و المسكتة و الزاوق و الزارقون و الحطب و النجارة و البقم الأسود و لوح السويد و الكافور و البيقة و الأمشاط و المسامير و الخردة و زيت النفد و الفلفل و الأفيون و السقاير و الحلتيت و الحديد و سبائك الذهب و الأسلحة و المكاحل و الطبنجات و محارم برشلونة و أقمشة الملف (الحمصي و البرتقالي و الأحمر و الناري و السماوي) و أقمشة الموبر و المسجر و الأملس و القماري و أقمشة المذهب و خيط الفضة و البوندو و القالون و القطن و الكتان و الحرير و الأرز و المحبوب و التبغ و خيوط النسيج و الأقمشة (الجوخ و الملف و المذهب و البرنجك و الملمان و القرمسود و الشاهي و البابوج) و القفاطن و الملاعق و القصع الخشبية و أواني الطبخ النحاسية و أواني اعداد القهوة
أوعية حمل البضائع
الأكياس و الشكاير و البتاتي و الصناديق و الحطب و الصوف بالبالة و الأقمشة بالفضلة و الخشب و الأسلحة بالطزينة
صفاقس مدينة تجارية و بوابة الشرق
كانت مدينة صفاقس تعج بالبضائع المستوردة أو المصنوعة محليا و يتم عرضها في الدكاكين في الأسواق داخل و خارج المدينة العتيقة و في الرحب و الفنادق و كانت تخزن في المخازن
أحصى أ. اسبينا نائب القنصلية الفرنسية بصفاقس البضاعات الموردة سنة 1851 فوجد 120 نوعا موردا من فرنسا و الشرق الأقصى عن طريق مرسيليا و 58 نوعا من انقلترا و غيرها من البلاد الأوروبية و الشرقية عبر مالطا و 15 نوعا موردا من ايطاليا و 20 نوعا من اسطنبول و 130 نوعا من مختلف الجهات التونسية
يؤم الأسواق الصفاقسيون من أهل المدينة و الأرياف و الأجانب و التونسيون من مدن أخرى
صفاقس مركز نقدي هام
وصف الرحالة الفرنسي شارل لالمان في القرن 19 باب الديوان في صفاقس و ذكر انه كان يوجد قربه صراف جالس و أمامه طاولة و يقوم بصرف و تحويل النقود التي كان يحملها التجار و الصفاقسيون و من بين هذه النقود: النقود التونسية و العثمانية مثل المحبوب و الريال و الخروبة و السلطاني و القرش و النقود البندقية كالسوكان و النقود الألمانية كالثالر و النقود الاسبانية و الفرنك الفرنسي و ريال دورو و ريال أبو طاقة و ريال بوشباك و ريال عشاري الليبي و البندوكي
المصادر
العلاقات التجارية بين تونس و الشرق في القرن الثامن عشر من خلال قضية قراض: الدكتور علي الزواري
دفتر حسابات خاص حول تجارة التونسيين مع مرسيليا خلال سنتي 1187-1188ه/1773-1774م: علي الزواري
وثيقتان عن تجارة جربة و صفاقس مع الشرق: علي الزواري
الأسس و الخصائص الثابتة للتجارة الصفاقسية حتى سنة 1881: علي الزواري
نقد لكتاب « رسائل أحمد القليبي بين طرابلس وتونس »: علي الزواري
الملاحة الصفاقسية من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر: علي الزواري
Deux documents d’archives relatifs au commerce de Djerba et de Sfax avec l’Egypte au début du XIXème siècle : Ali Zouari
رسائل احمد القليبي بين طرابلس و صفاقس (القرن 19) لعلي الزواري
Les relations commerciales entre Sfax et le Levant en 18ème et 19ème siècle Ali Zouari
Sfax aux XVIIIème et XIXème siècles, chronique d’une ville méditerranéenne d’Ali Zouari