أسواق المدينة العتيقة بصفاقس
لزاهر كمون
لا شك أن الزائر للمدينة العتيقة بصفاقس يلاحظ مدى حركية أسواقها و نشاطها, تلك المدينة التي بنيت حسب المختصين في القرن التاسع ميلادي, المدينة التي تجاوز عمرها الألف و مائة سنة و التي لا زالت تجذب الآلاف من الزوار و المتسوقين يوميا. تذكر إحصائيات لبلدية صفاقس سنة 2011 أن حوالي 130 ألف شخص يمرون يوميا عبر المحور الرئيسي الرابط بين باب الجبلي و باب الديوان
مساحة المدينة العتيقة 24 هكتارا و يتوسطها الجامع الكبير الذي يحيط به الأسواق من كل جانب كما يوجد عديد الأسواق في أطراف المدينة وقرب الأبواب. أحصى أبو بكر عبد الكافي 17 سوقا في كتابه تاريخ صفاقس أما الدكتور علي الزواري فقد أحصى حوالي 29 سوقا في المدينة و كل سوق اختص بنوع خاص من أنواع الاقتصاد. يتكون السوق في المدينة العتيقة من مجموعة من الدكاكين المصطفة و المتلاصقة و المتقابلة
على مر التاريخ تغيرت خارطة الأسواق بالمدينة العتيقة فمنها من اندثر و منها من تطور و منها من تغير اسمه و منها من تغيرت وظيفته و لكل سوق أمين أو عريف يراقب الصناعة و يحميها من الغش و يفصل المشاكل كما كان يوجد اللزامون الذين يجمعون الضرائب للدولة
أهمية الحفاظ على أنشطة الأسواق
كان كل سوق في صفاقس يحافظ على نشاط معين و لا يقبل العاملون به دخول نشاط أخر و مثال ذلك أن عبد الله السيالة أراد أن يفتح 5 دكاكين للجزارين في سوق الحدادين فاعترض العاملون بالسوق. أما اليوم فإننا نلاحظ أن الأسواق قد تعدد نشاطها و اختلطت للأسف
تفصيل الأسواق
الأسواق داخل الأسوار
سوق الجمعة
يعتبر سوق الجمعة أول الأسواق المبينة في المدينة و يقال انه قد سبق بناء السور و الجامع الكبير. يقع هذا السوق شرق الجامع الكبير و غرب نهج الباي. سمي السوق بهذا الاسم لأنه يحفل خاصة يوم الجمعة و قد كان يباع فيه كل الأثاث القديم. يوجد بهذا السوق مسجد الترك و زاوية القلال التي كانت تأوي طلبة الجامع الكبير
أصبح اليوم هذا السوق سوقا يباع فيه الآلات الالكترونية و الملابس المستوردة. و يحمل السوق عديد الأسماء الأخرى مثل سوق القشاشين و سوق القش
سوق الخضرة
يقع هذا السوق في النهج الذي يحاذي الجامع الكبير و يباع فيه الخضر و الغلال التي تنتجها جهة صفاقس
سوق الذكار
لم يقع تحديد مكانه و لكن يمكن أن يكون امتدادا لسوق الخضرة
سوق الكامور
يجاور سوق الكامور الجامع الكبير شمالا و قد سمي بهذا الاسم لأنه مسقف بطريقة الكمر. يباع في هذا السوق الزبيب و الشريح و الخروب و اللوز و الفستق و التوابل و الحنّاء و البخور.و في القديم كان يباع أيضا القرنيط الشايح و المراج (السمك المجفف) و الحوت المالح
سوق الرمانة أو سوق الموازين
يقع هذا السوق قرب الجامع الكبير وسمي بهذا الاسم لوجود ميزان روماني. يستعمل الرجال الذين يجمعون الضرائب هذا الميزان لتحديد الضريبة التي ستدفع على المواد الفلاحية مثل اللوز و الفستق و الشريح و الخروب و الزبيب
سوق الربع
سمي أيضا في الوثائق القديمة بسوق الرهادرة و هو السوق الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب و يربط بين سوق الصباغين و سوق الكامور و يقطعه وسطا سوق العطارين (المتكون من سوق الربع الواسع و سوق الحناطين) و سوق الربع الضيق. يعود بناء هذا السوق إلى العهد الأغلبي و يتكون من دكاكين متلاصقة و متقابلة و مسقف على أقواس بالحجارة و الجير قبوا. يقسم سوق الربع إلى جزء عال موجود في الشمال يسمى الربع الأعلى أو الربع الفوقاني و الجزء الجنوبي يسمى الربع اللوطاني
سبب تسمية هذا السوق بسوق الربع له عديد الفرضيات أولها أن الدكاكين كانت عالية و كان البائعون يجلسون متربعين و الفرضية الثانية سمي سوق الربع لان للسوق أربع أبواب و الفرضية الثالثة تقول أن كل بضاعة تباع في هذا السوق يقع إعطاء ربع ثمنها مكسا للزام
سوق الربع الواسع
يسمى أيضا سوق المارستان أو سوق الحناطين أو سوق الشاشية أو سوق الشواشين أو سوق العطارين
اختص هذا السوق في بيع الأنسجة الصوفية المعروفة باللفة مثل الأغطية و البرانس و الزربية و المرقوم و العجار
و قد سمي بسوق الحناطين لوجود الحناطين الذي يبيعون كل ما يحتاجه الناس لغسل الموتى و سمي سوق المارستان نسبة لمستشفى يوجد به
أما اليوم فقد أخذ هذا السوق اسم سوق العطارين
السوق الضيق أو سوق الربع الصغير
كان عبارة عن مخازن لعلف الدواب ثم صار مكانا لوضع الدواب و بعد ذلك استعمله النساجون أو النيارة و حول اليوم إلى سوق لبيع الأقمشة و الثياب الجاهزة
سوق الفكاهين
اندثر هذا السوق و تحول اليوم إلى سوق للجزارين و في جنوبه بعض محلات الصاغة الذين كانوا أغلبهم في القديم من اليهود المختصين في بيع الفضة و لحم القصدير. ربما يعود اسمه إلى كلمة فاكهة
العروسين
العروسين هو في الأصل حي سكني استغله الرسامون على الخشب الذين يصنعون الصناديق الكبيرة و صناديق المجوهرات و كل ما يحتاجه العروسان. يقع هذا السوق في نهج مكة
سوق العدول
يقع هذا السوق في نهج سمي بنفس الاسم و يعمل به العدول
سوق الكمادين
الكمادة هي تقصير الثوب و قد كان يوجد في صفاقس سوق للكمادين يقع في الجزء الجنوبي من نهج العدول و يربط بين رحبة الرماد و نهج سيدي علي الكراي و بيه قيصرية العشر التي كانت تسمى قيصرية العيادي
سوق الحدادين و النجارين
يقع هذا السوق شرق باب الجبلي و كان يعمل فيه النجارون و الحدادون
سوق السرايرية
يقع هذا السوق في جزء صغير من سوق الحدادين و اخذ اسمه من جزء في البندقية يسمى السرير
سوق النجارين
يقع في أقصى شمال نهج الباي بجانب الحدادين
سوق الزيّاتين
لم يقع تحديد مكانه
سوق الصباغين
يقع هذا السوق بين باب الجبلي و سوق الربع. كان يسمى أيضا سوق الدباغين و وظيفته الصبغ و الدبغ. كان لهذا السوق علاقة كبيرة بالأسواق المجاورة له مثل سوق الطعمة الذي كان يعد فيه الصوف و الكتان و القطن للصباغة و سوق العقبة الذي يستهلك الجلود التي يقع صباغتها و رحبة الذبح التي توجد شرق السوق و التي توفر الجلود لسوق الصباغين
يوجد بهذا السوق معامل الصباغة في أوله و الدباغة في أخره كما يوجد بالسوق دكاكين تبيع الغرابل و الدلاء و الدرابك و القرداش و المغازل و الأمشاط. تغير اليوم نشاط هذا السوق فأصبحت اغلب الدكاكين تبيع الخضر و الغلال وتغير أسمه إلى سوق الخضر أو سوق سيدي بوشويشة لوجود جامع سيدي بوشويشة في أول السوق
سوق الغزل أو سوق الطعمة
يتفرع عن سوق الصباغين
سوق العقبة
يقع بين سوق الصباغين و سوق الربع و يعمل فيه البلاغجيون الذين ربما كانوا يصنعون مؤخر البغلة الذي كان يدعى العاقب
سوق القطران
أخذ هذا السوق مكان سوق الصباغين
المذبح و سوق الجزارين
كان سوق الجزارين يقع بين سوق الصباغين و فندق الحدادين و كان يعرف برحبة الذبح ثم انتقل السوق و المذبح أمام باب الجبلي. أصبح اليوم الجزارون يعملون في سوق الفكاهين و في السوق الجديد أو سوق قريعة
رحبة الرماد أو رحبة الحطب
تعتبر رحبة الرماد من أنشط الرحاب بالمدينة العتيقة و قد كان يباع فيها الحطب و الفحم و رماد الغاسول الذي كان يستعمل لصناعة الصابون و يصدر إلى مرسيليا. تقع الرحبة في نهج العدول بين سوق العدول و سوق الكمادين
أسواق نهج الباي أو نهج المر أو نهج المنجي سليم
سوق البلاغجية
يقع هذا السوق في أول نهج الباي من جهة باب الجبلي
سوق السنفاجين
يقع في نهج الباي بين سوق البلاغجية و سوق الترك
سوق الكتاتنية
يقع هذا السوق حسب وثائق دارالجلولي في نهج الباي بجانب سوق السنفاجين و يعمل به الكتاتنية
سوق الحبوب
كان سوق الحبوب يسمى رحبة النعمة أو رحبة الطعام و يسمى اليوم ساحة أحمد باي. يوجد بالسوق مخازن لبيع الحبوب و فنادق للحيوانات
سوق الخرداجية
يقع هذا السوق في الجزء الغربي لنهج الباي مقابلا لرحبة الطعام بجانب مقام سيدي خنفير
سوق الزرارعية
كان سوق الزرارعية يقع بين رحبة النعمة و سوق الترك
سوق الترك
يقع هذا السوق تحت أروقة بنهج الباي و قد كان يباع فيه المنسوجات
الأسواق التي توجد خارج الأسوار
سوق المحصولات
كان هذا السوق يوجد في شرق باب الجبلي و يحده شرقا الثكنة العسكرية التي أصبحت اليوم منتزه الأم و الطفل و شمالا سوق التبن الذي أصبح اليوم يسمى السوق الجديد (سوق قريعة) و غربا سوق العمران و المسلخ. تغير اسم هذا السوق عديد المرات فقد كان اسمه سوق المحصولات ثم سوق السعي (بيع الإبل و الغنم و البقر و الصوف و الجلود) ثم سوق الفندق. بنى السوق مصطفى صاحب الطابع سنة 1840 و كان يباع فيه كل محصولات صفاقس و ضواحيها.
بعد الاستقلال قامت البلدية بتهذيبه بعد أن أصبح مكانا يعج بالأكواخ و الدكاكين القصديرية و بنت سوقا عصريا خاصا ببيع الخضر و الغلال
سوق العمران
كان يسمى قبلا سوق النعوش لأنه كان مستودعا لنعوش الأموات, تحول سنة 1947 إلى سوق لتجارة الحبوب و الزيوت
السوق الجديد
شيد هذا السوق على أرض كانت تسمى « اذريع كلاب » و قد كانت قبل ذلك سوقا لبيع التبن و الحطب و الفحم و الفخار الجربي و الأثاث القديم. تم بناء هذا السوق في أوائل الخمسينات و له باب رئيسي ذو ثلاث فتحات و أبواب فرعية. يتوسط المبنى سوق الحوت و يحيط به من كل جهة رواق مسقف قبوا يحوي دكاكين لبيع الملابس و الأقمشة
أسواق السمك
أول سوق للسمك بصفاقس كان يوجد في ساحة باب الديوان الداخلية و كان الصيادون يبيعون السمك أمام جامع العجوزين و يصلون إلى مسجد سيدي البحري. بدأ السوق بعد ذلك يمتد إلى نهج الجامع الكبير. انتقل بعد ذلك السوق إلى خارج السور الجنوبي. سنة 1908 بنت الحماية الفرنسية سوقا عصريا قرب باب القصبة و قبل الحرب العالمية الثانية عوّض بالسوق المركزية
كما كان الصيادون يبيعون السمك في رحبة الرماد ثم رحبة النعمة ثم سوق الحدادين و الساحة التي توجد بين باب القصبة و جامع سيدي الياس سنة 1937
تم بعد ذلك نقل السوق إلى باب الجبلي في سوق المحصولات و أخيرا تم تركيز السوق في السوق الجديد أو سوق قريعة
المصادر
تاريخ صفاقس: أبو بكر عبد الكافي
Sfax aux XVIIIème siècle et XIX ème siècles, chronique d’une ville méditerranéenne : Ali Zouari