رمضان زمان في صفاقس
لزاهر كمون
يعتبر شهر رمضان الكريم من أهم الأشهر الهجرية عند المسلمين حيث تكثر فيه العبادات و الزيارات بين الأقارب. و الصفاقسي مثل كل التونسيين يستعد لرمضان قبل أشهر و يستقبله في أبهى حلة و يقضي أيامه بين الجامع و المنزل و المدينة العتيقة
الاستعداد لاستقبال شهر رمضان
تستعد كل العائلة لاستقبال الشهر الكريم بالقيام بعديد الأعمال و المعلوم أن الصفاقسي كان في القديم يملك منزلين: الدار العربي داخل المدينة العتيقة و البرج خارجها. في الشتاء يقضي الصفاقسي رمضان في الدار العربي أما في الصيف فيقضيه في البرج و الجنان
تكون الاستعدادات حثيثة قبل أشهر من خلال تحضير المسكن و تنظيفه (التسييق) و دهن الجدران الداخلية و الخارجية (التجيير) و تنظيف ما حول المسكن و تحضير العولة من بقول و حبوب و شريح (التين الجاف) و زبيب (العنب الجاف) و توابل و غيرها كما تقوم العائلة بحمل التجهيزات المنزلية (الماعون) إلى القصادري لتلميعها و تقصديرها إلى أن يأتي يوم القرش (اليوم السابق لشهر رمضان) و يكون يوم أكل يأكل فيه الصفاقسي ما لذ و طاب استعدادا لشهر رمضان
إعلان قدوم الشهر
قبل يوم من شهر رمضان و عند الغروب يقوم المختصون برؤية الهلال و المحاكم الشرعية في كل جهة هي المسؤولة عن إعلان دخول الشهر و كان لكل منطقة الحق في إعلان هلالها و لا ترتبط بتونس العاصمة لضعف الاتصالات في القديم
يكون الطبالة ( جمع بو طبيلة) أمام المحكمة الشرعية في انتظار قرار المحكمة و عند إعلان الهلال يرجع الطبالة إلى مناطقهم لإعلام الناس قائلين: داير إن شاء الله سيادي قوموا تسحروا
يقع إعلام السكان الذين يقطنون بعيدا عن المدينة بدخول الشهر من خلال إطلاق البنادق في الهواء
السحور
يتم الإعلان عن السحور من خلال البوطبيلة الذي يجوب الإحياء و ينادي « قوموا تسحروا » بأسماء الذكور في المنزل الذي كان قد اخذ أسماءهم قبل رمضان
يكون للبوطبيلة في العادة مهنة أخرى فمهنة البوطبيلة موسمية تكون فقط في شهر رمضان أما في الأيام العادية فيعملون في الحمامات و تتوارث هذه المهنة من الأب إلى الابن. سنة 1966 تم إحصاء 4 طبالة في المدينة العتيقة و 21 طبال في الاحواز. يتحصل البوطبيلة على أجره نقدا أو حلويات يوم العيد
من الأكلات التي يأكلها الصفاقسي في السحور في القديم العصيدة و المسفوف بالزبيب و التمر و البازين بالزيت أو العسل و السفنج و المرق
الإفطار
قبل الإفطار يتجمع الصفاقسيون قرب الجامع الكبير لجلب الماء من مواجله إلى المنازل كما يقومون بشراء الخبز من الكوشة و كل المواد الغذائية و الخضر و الغلال التي تنقص المنزل
عند الإفطار يرفع السنجق الأخضر فوق الجامع الكبير كما يرفع الأذان في الجوامع و المساجد. عوض السنجق الأخضر بعد ذلك بمدفع رمضان
من الأكلات التي كانت تؤكل في رمضان قديما الكسكسي و المحمص و الشكشوكة و غيرها
بعد الإفطار تكثر الحركية في المدينة العتيقة فالرجال يذهبون إلى الجوامع لصلاة التراويح و الأطفال يلعبون في البطاحي و الرحابي كما كانت عديد الأنشطة تقام في كل مكان فنجد "الفلو" و هو الرجل الذي يقوم بالألعاب السحرية و "الفداوي" الذي يقوم بسرد الحكايات و الخرافات أمام العامة
كما كانت المقاهي تعمل في الليل مثل مقهى العموص التي توجد في رحبة النعمة و كانت تقام فيها الحفلات التي تحييها النجمات المالطيات و النجمات التونسيات مثل وسيلة شوقي كما كان الصفاقسيون يرتادون قهوة بن عثمان في رحبة الرماد
كما يستدعي الرجال في البرج العربي أصدقاءهم لتقضية الليل في بيت السهرة في قراءة القران و القيام بالأذكار و يوزع عليهم الشاي و الحلويات طيلة السهرة
في الأيام العشر الأخيرة من رمضان (العواشر) تكثر الحركية في رمضان و تفتح الحوانيت و تخرج العائلة لشراء ملابس العيد و التجول فيها للترفيه عن نفسها
تكون ليلة 27 من أهم ليالي رمضان حيث تقام الأختام في الجوامع و المنازل و يختن الأطفال كما تقدم الهدايا و المواسم للعائلات