دار الجلولي أو دار الدريبة بصفاقس
لزاهر كمون
تعتبر دار الجلولي من أهم و أجمل منازل المدينة العتيقة بصفاقس و تقع بالجهة الشرقية بها بحومة تسمى حومة الرقة نسبة إلى المهاجرين الذين أتوا من مدينة الرقة أو باراريس غير بعيدة عن مدينة الحنشة. لهذه الحارة أو الحومة أهمية تاريخية كبرى تبرز من خلال معالمها مثل جامع سيدي أبو الحسن اللخمي أو جامع الدريبة و زاوية سيدي علي النوري و زاوية سيدي حماد الرقي و دار الجلولي المتحدث عنها في هذا المقال
اختارت عائلة الجلولي هذا المكان لبناء منزلهم لقربه من الجامع الكبير و لأهميته التاريخية كما ذكرنا سابقا (و تقول بعد المصادر الشفوية ان المنزل يعود في الاصل لدار النوري) و قد كان لعائلة الجلولي أهمية كبرى خاصة في الفترة الحسينية كممثلين للباي في جهة صفاقس أو ما تعرف بالقيادة و قد تقلد عديد الأبناء من هذه العائلة هذه المهمة و نذكر منهم بكار الجلولي و محمود الجلولي و محمد الجلولي و غيرهم و كان لبكار الجلولي الفضل في جلب يوسف صاحب الطابع إلى تونس من اسطنبول حيث تربي بصفاقس ثم اهدي إلى الباي حمودة باشا و تقلد عديد المناصب إلى أن وصل الى منصب الوزير الأول
دار الجلولي
لا يعرف تاريخ بناء هذه الدار لكن يوجد في إحدى الغرف يسار وسط الدار نقيشة في السقف على الخشب تؤرخ لذو القعدة 1237 ما يوافقه شهر أوت 1821 و الأكيد أن هذا التاريخ هو تاريخ احدى الترميمات التي حدثت للمنزل و أن بناء المنزل أقدم من ذلك
للمنزل طابع يشبه المنازل الصفاقسية في القرنين السابع عشر و الثامن عشر و ظلت مقرا لسكن القايد إلى ما بعد الاحتلال الفرنسي ثم تحولت في الحرب العالمية الأولى إلى مصحة ثم إلى مركز للصناعات التقليدية و تحولت اليوم إلى متحف للعادات و التقاليد بصفاقس
تتميز واجهة دار الجلولي بقلة الزخرفة و كل مار بها لا يعيرها أي اهتمام, باب اخضر بفردتين يوجد قرب سبط يعرف بسبط الدريبة يؤدي إلى داخل المنزل. قبل الوصول إلى وسط الدار يجب المرور بعديد الغرف و هي طريقة لحماية خصوصية المنزل و من بين هذه الغرف الدريبة و هي أول غرفة ثم السقيفة و يوجد بين الدريبة و السقيفة باب كبير به باب صغير يعرف بباب الخوخة يستعمل كل يوم
من السقيفة يمكن الولوج إلى وسط الدار الذي يتميز بكثرة الزخرفة من خلال الحجارة المنقوشة (الكذال) و الخزف و الحديد الفني وغيرهم. و قبل الوصول إلى وسط الدار نجد المجنبة أو البرطال و هو رواق مغطى و به أقواس و أعمدة و يستعمل خاصة في الشتاء من قبل النساء لتحتمي من الأمطار و في الصيف للحماية من الشمس الحارقة. على يمين البرطال نجد بيت المؤونة والتي يستعملها الصفاقسي لتخزين مؤونة السنة
وسط الدار أو الصحن مزين بخزف ذو تأثيرات أندلسية و تركية من صنع القلالين و حجارة منقوشة و غيرها و يوجد بالصحن بئر و ماجلان و تحيط به ثلاث غرف و التعدية التي تؤدي إلى الدورية و الدهليز
توجد أهم غرفة على اليسار و تتميز بشكل ت لاتيني و بها بيت الاستقبال أو التثليثة أو القبو و السرير الذي يستعمل من قبل الأب و الأم و المقصورة التي تستعمل كغرفة للأطفال. تتميز هذه الغرفة بجمال زخرفتها من كذال و خزف و خشب منقوش و ملون و جبس منقوش. تتميز بقية الغرف أيضا بالزخرفة
يمكن الوصول إلى الدويرية من خلال التعدية أو المجاز و هو ممر قصير و نجد في الدورية المطبخ
من جهة المجنبة نجد مدرج يؤدي إلى الطابق العلوي و قبل الوصول إليه نمر بمستوى يسمى الراحة و محمي بدربوز و من خلاله يمكن مشاهدة جمال واجهات صحن المنزل
يتكون الطابق العلوي من أربع أروقة و أربع غرف تتميز بقلة الزخرفة. يستعمل هذا الطابق يوميا من قبل العائلة كما يستعمل من قبل ضيوف المنزل
المصدر
Le dar Jalluli et le dar Hintati à Sfax, Ali Zouari