جامع يوسف صاحب الطابع
لمحمد زاهر كمون
أصبحت تونس ولاية عثمانية منذ القرن السادس عشر و بالتحديد منذ سنة 1574 ومنذ قدوم الأتراك عاد المذهب الحنفي بقوة و اصبح المذهب الرسمي للدولة مع المذهب المالكي فتم تحويل عديد الجوامع إلى المذهب الحنفي لاستقبال الوافدين الجدد مثل جامع القصر و جامع القصبة كما بنوا عديد الجوامع الأخرى طوال فترة الحكم العثماني لتونس و من بين هذه الجوامع جامع حمودة باشا والجامع الجديد الذي بناه مؤسس الدولة الحسينية الحسين بن علي و جامع يوسف داي و جامع يوسف صاحب الطابع الذي يعتبر هو أخر جامع عثماني مبني في تونس
جامع يوسف الطابع هو الجامع الحنفي الوحيد الذي لم يبنيه باي أو داي بل بناه وزير مملوك من أصل مولدافي. بدأ البناء سنة 1808 وأقيمت أول صلاة يوم 4 مارس 1814. بناه المهندس الحاج ساسي بن فريجة و حسب محمد بن الخوجة فان الرخام المستعمل تم استيراده من جنوب ايطاليا و يقول بن الضياف أن الرخام أتى من قرنة إلا أن الرخام في حقيقة الأمر جلب من كرارة
يتكون الجامع من عديد البنايات و يكون مركبا يسمى »الكليا » مثل نظام الكليا في اسطنبول و يتكون من جامع و تربة و مدارس و فندق و حوانيت
يتم الصعود إلى الجامع بمدرج يفتح على ساحة الحلفاوين و مدرج أخر قريب من مدخل زاوية سيدي شيحة ويؤديان إلى الصحن الذي يحيط ببيت الصلاة من ثلاث جهات. تظلل بيت الصلاة من ثلاث أروقة بعمق 3.6 متر و أهمها على الإطلاق الموجود من الجهة الشمالية و هو متكون من بائكة ذات تسع عقود لها شكل حدوى محمولة عن طريق أعمدة مجزعة, التيجان من النوع التركي إلا انه يوجد صدفة محلية يعلوها زئبقة طويلة تنتهي في الأعلى بهلال
. يوجد محراب خارجي مكسو في الأسفل بلوحات من الخزف ذو الطراز المغربي و حليت الطاقية بنقوش جصية أندلسية و تركية.
يمكن الدخول إلى بيت الصلاة من خلال خمس أبواب. و هي ذات شكل مستطيل طوله 31.2م و عرضه 25.77م و تتكون من سبع مسكبات منفصلة بتسعة أروقة, يتميز السقف بوجود أقبية برميلية عددها سبعة مزخرفة بنقوش جصية بديعة ذو تأثيرات تركية و تتكون من مزهريات و غصون و أوراق و زهور و أطباق نجمية و توجد سبعة قباب منها أربعة بزاويا بيت الصلاة و واحدة فوق المحراب و اثنين آخرين . الواجهات الداخلية لبيت الصلاة مزينة بلوحات من الرخام المستورد من كرارة و تعلوها مربعات الخزف و ينتهي الجدار في قسمه الأعلى بنقوش جصية
جوف المحراب مكسو بلوحات رخامية و يستند العقد الحدوي للمحراب على عمودين مجزعين لهما لون اسود. قبة المحراب مكسية بلوحات من المرمر يحد كل منها إفريز من الرخام الأسود أما الطاقية فكسيت بعشرة صفوف أفقية من النقوش الجصية المرخمة التي تذكر بخلية النحل
المنبر قار و مبني ومكسو بالرخام و يوجد الختمة لقراءة القران و المحفل للخواجات الحنفيين
المئذنة ثمانية ذات طابع عثماني ارتفاعها 25 مترا و مبنية من الحرش و الكذال و بقيت بلا فانوس إلى غاية سنة 1970
دفن المؤسس بتربته بالجامع بعد مقتله وهي ذات شكل مربع ضلعه 7.15م. جدرانها مزينة بلوحات من الرخام المستورد من كرارة و مربعات من الجليز و الجص و السقف مزين بقبة. المدفونون في التربة هم سليمان كاهية و يوسف صاحب الطابع و سليم خوجة و رشيد مملوك
يعتبر الجامع ذو تأثيرات محلية (نظام التسقيف) و ايطالية (التزويق و التيجان و استعمال رخام كاريرا) و تركية (التيجان و الزخارف الجصية) و هو الجامع الحنفي الوحيد الذي بناه وزير و لكنه قتل بعد سنة من تدشين الجامع
المصادر
- L’hégémonie ottomane au Maghreb, entre l’application du modèle de Sinan de Turquie et les innovations Locales: Barkani Abdelaziz
- Tunis sous les ottomans : art et architecture
- Histoire de l’architecture en Tunisie: Leila Ammar
- Tunis, architecture et art funéraires: Ahmed Saadaoui
- Tunis, ville ottomane, trois siècles d’urbanisme et d’architecture: Ahmed Saadaoui
معالم و مواقع العدد الخامس و العشرون جوامع مدينة تونس في العهد العثماني دراسة تاريخية و فنية و معمارية لمحمد الباجي بن مامي
ترب مدينة تونس محمد الباجي بن مامي