عندما زار أمير ألماني صفاقس في القرن التاسع عشر
قام الأمير هرمان فون بوكلير موسكاو (1785-1871) و هو من أعلام طبقة النبلاء الألمان في القرن التاسع عشر بعديد الرحلات فزار أفريقيا الشمالية سنة 1835 ومصر و كتب زياراته في كتاب سميلاسو في إفريقيا
قام هذا الأمير بزيارة عديد المدن التونسية من بينها طبرقة و بنزرت و تونس و قرطاج و حمام الانف و وزغوان و جوقار و القيروان و الجم و القصرين و حيدرة و سبيطلة و الكاف و دقة
وصف صفاقس
بعد زيارته للجم و الرقة و التعرف على أهلها و أثارها مثل قصر الجم و خزانات الرقة انطلق نحو صفاقس و كان وقتها تغلق أبواب المدينة السابعة مساء. بدت صفاقس من بعيد تتكون من عديد البساتين (50000 حسب التقارير الرسمية منها 14000 بها مساكن) و تصدر البساتين الفستق و اللوز و عديد الفواكه
كان لصفاقس تجارة مزدهرة و هي مركز تجاري لمنتوجاتها الأساسية كالزيت و الصوف و الفواكه و منتوجات الجريد كالتمور و الحناء و ريش النعام و النطرون و العسل و الشمع و المنتوجات الصناعية كالصابون و البرانيس و أقمشة الأثاث و الأقمشة من الصوف و الحرير و الأغطية الصوفية و مصنوعات الحلفاء و السعف و الخزف من جربة
قبل الوصول إلى أبواب المدينة عبر ساحة ملآنة بمئات البشر و الخيول و الحمير يدرسون الحبوب بواسطة آلة خاصة فيها بين 12 و 16 اسطوانة في الأسفل
استقبله على أبواب المدينة مساعد القنصل النابوليتاني دون أنجلو ادفوكاتو و قضى الأيام الأولى في منزل اليهودي قيتا أصيل مدينة ترياست نظرا لغياب القايد
قضى الأيام في زيارة البساتين التي بها الأشجار المثمرة مثل التين و اللوز و الزيتون و الرمان و العنب و النخيل و تحدث عن طريقة إنتاج اللاقمي (النسغ الحلو من النخلة) و من بين البساتين التي زارها بستان القايد الذي شاهد فيه أشجار الفلفل الكبيرة و نخل النصارى و الياسمين و تعد خلاصة الياسمين من منتوجات صفاقس التي تصدر إلى الشرق
عندما عاد إلى منزل قيتا وجد رجلين مسلمين كانا في السودان و تمبكتو لشراء مسحوق الذهب و كانا يلبسان لباس ذلك المكان و هي نعال محلاة بالريش و قمصان مطرزة
تعرف الرحالة على نائب القنصل البريطاني بلانشناي
حسب الرحالة كانت أهم وسائل التسلية في صفاقس هي صيد السمك نظرا للمد و الجزر. يقام في البحر سياج متشابك في شكل نصف دائرة كبيرة من أغصان النخل المغروسة في الرمل و توضع تحت السياج شباك و سلال يوصل إليها زقاق صغير الأسماك المذعورة لصيدها و عند الجزر يقوم حوالي 50 رجلا بالضرب على سطح البحر بمجارف عديدة لجمع السمك الذي يدخل الزقاق و يقوم رجال آخرون بجمع السلال و الشباك و من الأسماك المصطادة الرعاد و شيطان البحر
تظهر مدينة صفاقس من البحر في أروع منظر بالأسوار المسننة و الناصعة البياض
من بين الصحف التي وجدها في صفاقس عديد الصحف الفرنسية و الصحف الانكليزية مثل اثينايوم
زار موقع انشلا فشاهد معبدا قديما و في جبنيانة قضى الليلة في خيمة في غابة الزيتون و زار كذلك الموقع الأثري اكولا قرب البحر و شاهد أكداسا من الحجارة و خزانات و أبارا
مرة اعترضه موكب من الفرسان الذين يلبسون لباسا فخما احمر و اصفر و ركبوا جيادا مزينة بالحناء و حول الفرسان عربة تحمل القايد الذي عاد من مهمة
وصف الرحالة صفاقس بالمدينة التي لا توجد فيها بعوضة واحدة و قليل من البراغيث
عاد إلى صفاقس بعد زيارة سوسة و المنستير و غيرها وقابل القايد و هو الجلولي
حضر في صفاقس في دار القايد حفلة موسيقية عربية أقامتها فرقة من 3 رجال ينتمون إلى جوقة داي طرابلس المخلوع احدهم يعزف على المزهر بواسطة ريشة والثاني يغني و الثالث يلبس ملابس نساء و يرقص و كانت الرقصة و كلمات الأغاني لم تتميز بالحياء. كان في الحفلة الرحالة و العقيد و كاتبه الخاص و القايد الذي كان يلبس قميصا و سروالا فضفاضا و حذاء غليظا و يجلس على حشية من الصوف و خادمان مالطيان و 5 من أعيان البلاد و 3 من الزنوج نصف عارين. لم يستطع الرحالة نقل كلمات الأغاني في كتابه لان آدابهم لا تسمح بذلك
غادر صفاقس في غرة أوت 1835
وصف قرقنة
توجد جزيرتان مقابلتان في البحر كانتا تسميان في السابق سرسينا الصغرى و سرسينا الكبرى و يطلق عليها العرب قرقنة
المصدر
سميلاسو في افريقيا لبوكلير موسكاو تعريب منير الفندري و الصحبي الثابتي من منشورات بيت الحكمة